مع المستهلك

فيزا تستعرض توقعاتها لعمليات الدفع لسنة 2021

بقلم: هيكتور رودريجيز، رئيس قسم المخاطر في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة “فيزا”.

 

شهدت اقتصادات العالم السنة الماضية تطورا سريعا بغية تسريع التغيير حتى يتماشى من الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد.

هذا التغيير السريع الذي جاء تماشيا مع الأحداث الاستثنائية كان له أثر دائم على سلوك المستهلكين وأنماط الاحتيال واحتياجات تخفيف المخاطر.

ووضعت شركة “فيزا” على امتداد أيام هذه السنة، خبراتنا ومواردنا من أجل تقديم المساعدة إلى المؤسسات المالية، والشركاء التجاريين، والحكومات، والمستهلكين، من أجل تجاوز هذه التغيرات غير المستقرة.

ومن خلال النظر إلى السنة المقبلة، أظن أن العديد من التغيرات التي عرفتها المدفوعات الرقمية ستتواصل بنفس الطريقة الحالية. والأكثر أهمية أن التجارب الخاصة بهذه السنة سوف تعمل على التعجيل بالإبداع وتلزم الشركات بالتعلم من أخطائها لضمان عدم تكرار نفس الأخطاء.

ونرصد إليكم فيما يلي بعض التوقعات الخاصة بالسنة الجارية:

1- العادات الاستهلاكية الجديدة التي تم الاعتماد عليها منذ بداية الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوونا ستصبح المعيار الجديد ما يتطلب بشكل ضروري تحديث استراتيجيات منع الاحتيال.

كشفت إحصائيات دراسة ” Back to Business” لشركة “فيزا” أن ما نسبته 78% من المستهلكين العالميين الذين شملهم الاستطلاع قاموا بتعديل الطريقة التي يدفعون بها ثمن مشترياتهم بسبب المخاوف الأمنية المتزايدة في استمرار، في حين أن ما نسبته (48%) ممن شملهم الاستطلاع أكدوا أنهم لا يتسوقون من المتاجر التي لا تعتمد على الأداء بدون اتصال مع المحاسب أو الأداء بالبطاقة البنكية بدون تماس، وأظن أن هذه التفضيلات التي يطلبها المستهلكون ليست مؤقتة، ولكنها ضرورية حتى تدوم على المدى الطويل.

وستشجع هذه السلوكيات المرتبطة بالاستهلاك التجار على المزيد من الابتكار من أجل تطوير اختيارات الزبناء والاستجابة لها على نحو أفضل.

وبغية كسب زبناء جدد والحفاظ على الزبناء الحاليين وتسجيل نمو في المبيعات، ستتم مكافأة استثمارات الشركات عن طريق الأداء عبر الإنترنت، وعبر التطبيق، والأجهزة بدون تماس، وإنترنت الأشياء (الأجهزة القابلة للارتداء، في السيارة، ومكبرات الصوت الذكية، والأجهزة الذكية، وما إلى ذلك).

ومع استمرار تقدم التجار على الاتصال عبر الانترنت، يعمل المحتالون أيضا في نفس الاتجاه، ومنهم من يتوفر على الموارد الكافية بدعم من الجهات الفاعلة في الدول القومية.

والحقيقة أن أمن الدفع يُعد أمرا صعبا، والواقع أن ليس كُل شخص يشارك في الدفع عبر الانترنت يملك المعرفة الكاملة للاستفادة من الخدمة بالشكل الجيد المطلوب.

وبناء على ذلك، التجار في حاجة ضرورية إلى تحديث استراتيجياتهم للوقاية من الاحتيال بغية دعم التجارة ذات القنوات المتعددة، وفي حالة لم تتوفر الخبرة اللازمة داخل الشركة، يجب على التجار التوجه إلى شركاء جدّيين يتمتعون بسمعة جيدة لتحقيق نتائج تتماشى مع أهدافهم واهتماماتهم التجارية.

2- سيعمل شرط المصادقة القوية الخاص بالزبناء على تقوية أمن المدفوعات خارج المنطقة الاقتصادية الأوروبية والمملكة المتحدة

انطلاقا من 1 يناير 2021، سينطلق العمل بمعايير أمان أقوى يُطلق عليها “مصادقة قوية للزبناء SCA”، وسيتم تطبيقها على التجارة الإلكترونية في معظم المنطقة الاقتصادية الأوروبية (EEA) مع بعض الاختلافات المحلية بين البلدان.

وفي الوقت الذي تصبح هذه المعايير مطلبا ضروريا في المنطقة الاقتصادية الأوروبية والمملكة المتحدة، تسعى الجهود إلى تعزيز متطلبات مصادقة قوية للزبناء، وتلبية هذه المتطلبات سيكون لها تأثير في مناطق أخرى.

ومع تزايد أنشطة الاحتيال في القنوات التي لا تعتمد على بطاقات رقمية، من المتوقع أن توسع بعض الشركات المتعددة الجنسيات تدابير أمنية معززة إلى أسواق أخرى حيث يكون نشاط الاحتيال مرتفعاً.

3- تحديث البنى التحتية للأداء سيكشف عن مجموعة جديدة من مواطن الضعف الممكنة

عدد متزايد من البنوك المركزية وشركات التمويل يعترضون على التقاليد المعتمدة، ويكتشفون وسائل جديدة وأكثر سرعة لإرسال الأموال وتسوية المدفوعات ومشاركة المعلومات، فعمليات الدفع في الوقت الفعلي والعملة الرقمية والخدمات المصرفية المفتوحة تدعم الابتكار الذي يلبي توقعات المستهلكين ذوي الخبرة الرقمية، ما سيساعد في تعزيز التجارة الرقمية خلال العقود القادمة.

ومع ذلك، تقدم عمليات الدفع الأسرع فرصا بنفس السرعة للمحتالين، ومن الضروري أن تتسم عملية مشاركة معلومات الزبناء ذات الطابع السري بالكثير من الحيطة والحذر، كما يتعين على شركات التكنولوجيا المالية والبنوك المركزية أن تعمل على إنشاء الآليات اللازمة لتعقب المخططات غير النمطية المُمكن أن تشكل مؤشراً للاحتيال.

كما من الضروري في الوقت ذاته اعتماد مبادئ المعاملات المصرفية المفتوحة وتقاسم البيانات بشكل مسؤول وأخلاقي لجميع المنتجات والخدمات والتكنولوجيات.

وخلال السنة الجارية، ستتواصل أحجام المدفوعات في الوقت الفعلي في الارتفاع، وستظل العملات الرقمية شائعة، وسوف تكون خصوصية المستهلك وبياناته محل نقاش في العديد من المباحثات، وسوف تضافر الجهات الفاعلة في القطاع جهودها لمعالجة نقاط الضعف الجديدة التي سوف يكشف عنها  وستصبح بارزة.

4- ستعتمد الوكالات الحكومية على تدابير مصادقة معززة بالنظر إلى الخسائر المرتبطة بالاحتيال خلال 2020

شهدت أنشطة الاحتيال في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعا كبيرا خلال المرحلة الأولى من الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا، واستهدف المحتالون خلال هذه الفترة المساعدات التي قدمتها الحكومة الأمريكية إلى المواطنين المحتاجين المتأثرون بالوباء، حيث قام المحتالون باستخدام هويات مسروقة لطلب المساعدة، وأخذ الأموال من الفئات التي كانت في حاجة إليها، حيث تجاوزت الخسائر المحتملة 26 مليار دولار على المستوى الوطني.

وتسعى الوكالات الحكومية إلى تجنب المزيد من الخسائر في هذا الصدد، وسيتم ذلك عبر مراجعة عملياتها وتكنولوجياتها المستخدمة لدعم التحقق من الأهلية وتوزيع المساعدات.

ومن الضروري أن يكون تعزيز القدرة على المصادقة من أجل تقييم مدى استحقاق المساعدات الحكومية على نحو أفضل من بين الأولويات التي يجب الاعتماد عليها خلال السنة المقبلة، وهي دعوة إلى العمل وتضافر جهود كافة الهيئات الحكومية التي تلعب دوراً في صرف المساعدات لصالح المحتاجين.

وإذا لم تكن الوكالات تمتلك الخبرة اللازمة للقيام بهذه الخطوات على المستوى الداخلي، يتعين عليها اللجوء إلى شركاء موثوق بهم في عملية الدفع، كما يجب على المؤسسات المالية وشبكات الدفع والمعالجات في جميع أنحاء العالم أن تستعد الآن لضمان اتخاذ الإجراءات والاستراتيجيات المناسبة لمنع الاحتيال، حتى تصل المساعدة الحكومية إلى الجهات المستهدفة المحتاجة، عوض الوصول إلى جيوب المحتالين.

5- استمرار تزايد دينامية الهوية الرقمية  بفضل تطور حلول المصادقة القوية للزبناء

ستشهد عملية التخلي عن كلمات المرور والمصادقة القائمة على المعرفة باعتماد معايير قوية لمصادقة العملاء مثل نظام التحقق السريع من الهوية عبر الانترنت (FIDO) ارتفاعا ملحوظا، وهو تقنية للمصادقة على الهوية المتوفر في جميع المتصفحات الرئيسية والأجهزة المحمولة.

وبالموازاة مع ذلك، ستعرف مخططات أنظمة الهوية الإلكترونية التي تقودها الحكومات والبنوك تطورا ملحوظا جنباً إلى جنب مع أطر وأنظمة جديرة بالثقة لإعلام مختلف الأطراف بكيفية التفاعل.

وفي ظل الأزمة الصحية المرتبطة بـ”كوفيد 1ّ9″، سيشهد الطلب على الحلول التي تساعد البنوك والتجار في المصادقة الرقمية على المستهلكين تزايدا ملحوظا. أما الأطراف الموثوق بها غير القادرة على إدارة الهوية بفعالية فسوف تتحول إلى أهداف للاحتيال.

سيكتسب مفهوم الهوية الرقمية الذي يُعد واحدا من بين البنات الأساسية اللازمة لتشغيل السيادة في العصر الرقمي (مع البيانات المفتوحة، وسرية المستهلك وإدارة الموافقة، والمدفوعات).

وسوف تتجه كل الأنظار نحو أوروبا مع دخول اعتماد مذكرة المصادقة القوية للزبناء حيز التنفيذ في السنة المقبلة، على اعتبار أن الهوية الرقمية هي أحد الخيارات من أجل تعزيز المصادقة قبل الدفع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى