أظهرت دراسة جديدة للمرصد الأوربي للشركات أن برامج تصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا التي وضعتها دول المغرب والجزائر ومصر ليست مجدية اقتصاديا، فضلا عن كونها غير واقعية من منظور نقل الطاقة.
وأوضحت الدراسة -التي أجراها مركزان بحثيان غربيان، نشرت خلاصتها منصة “الطاقة“، أن تكاليف الإنتاج تجعل الوقود أغلى 11 ضعفا من الغاز الطبيعي، دون أخذ تكاليف التخزين والنقل في الاعتبار.
جاء ذلك في الوقت الذي أقامت فيه دول المغرب والجزائر ومصر شراكات مع العديد من الدول الأوروبية لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى أوروبا، مستفيدة من قربها الجغرافي من القارة العجوز ومواردها الكبيرة من الطاقات المتجددة منخفضة التكلفة.
وضاعف الاتحاد الأوروبي أهداف استيراد الهيدروجين الأخضر إلى 10 ملايين طن سنويا بحلول عام 2030، في أعقاب الحرب الأوكرانية وضرورة تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
وتقدم دول شمال أفريقيا نفسها بوصفها شريكا مثاليا للاتحاد الأوروبي في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتحلم بتحقيق أرباح ضخمة بفضل هذه الصادرات، بحسب ما نقلته منصة “أجنس إيكوفين” الناطقة باللغة الفرنسية.
إلا أن الدراسة -التي نشرها مركز الأبحاث الهولندي ترانزناشيونال إنستيتيوت ومرصد الشركات الأوروبية، وهو مركز أبحاث مقره بروكسل- أحبطت آمال المغرب والجزائر ومصر.
ووجدت هذه الدراسة -بعنوان “تقييم خطط الاتحاد الأوروبي لاستيراد الهيدروجين من شمال أفريقيا”- أن برامج التصدير التي وضعتها 3 دول في شمال أفريقيا ليست مجدية اقتصاديا.
وأكدت الدراسة -التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة- أن “مشروعات تصدير الهيدروجين الخاصة بالمغرب والجزائر ومصر -دول شمال أفريقيا الـ3 التي تخطط لتطوير صناعات الهيدروجين الأخضر المحلية- يحتمل أن تكون غير مجدية اقتصاديا”.
وأضافت أن “استخدام الكهرباء المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) على المستوى المحلي ومشاركتها مع الدول المجاورة في أفريقيا، وربما الشرق الأوسط من خلال الربط البيني، سيكون خيارا أكثر كفاءة من محاولة إنشاء سوق تصدير للمواد الكيميائية باهظة الثمن”.
وأعرب مؤلف الدراسة، مايكل برنارد، عن شكوكه حول “إمكان تصدير الهيدروجين الأخضر يوما ما بأسعار مغرية بدرجة كافية”، نظرا إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل.
إذ أوضح أن “الهيدروجين الأخضر يمكن أن يتكلف أكثر 11 مرة تقريبا من الغاز الطبيعي لكل وحدة طاقة بأسعار ما قبل غزو أوكرانيا، حتى قبل التخزين والنقل، وأكثر 3 أضعاف من أسعار الغاز الحالية الأكثر ارتفاعا اليوم لكل وحدة طاقة”.
وأضاف أن شحن الهيدروجين الأخضر عن طريق البحر يستهلك 3 أضعاف الطاقة لتسييله أكثر مما يتطلبه الغاز الطبيعي، في حين أن حجم الناقلة نفسه لن يحمل سوى 27% من الطاقة. وكذلك سيغلي 0.2% من الهيدروجين كل يوم في أثناء الشحن.
ويؤدي نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب إلى إتلاف الأنابيب نفسها والأجهزة الإلكترونية الموجودة داخلها، كما ستتطلب كثافة الهيدروجين مضاعفة الطاقة المستخدمة 3 مرات، وبالتالي تكلفة ضخها عبر خطوط الأنابيب.
من ناحية أخرى، لاحظ التقرير -الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- أن اندفاع شمال أفريقيا نحو الهيدروجين الأخضر لا يخضع لمنطق الربحية.
إذ رأى أنه “ليس من المنطقي بالنسبة إلى المغرب أو الجزائر أو مصر استخدام الكهرباء المتجددة الخاصة بها لصنع الهيدروجين الأخضر والمنتجات القائمة عليه، ثم شحنها إلى أوروبا مع الكثير من الطاقة المهدرة، حتى يتمكّن الاتحاد الأوروبي من تحقيق تخفيضات في الانبعاثات المناخية”.
وذكّر بأن هذه الدول تنتج معظم احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الوقود الأحفوري.
إذ يستمد المغرب الغالبية العظمى من الكهرباء من الفحم، في حين أن ما يقرب من 100% من الكهرباء في الجزائر تُنتج من الغاز الطبيعي، وأكثر من 90% من الكهرباء في مصر تأتي من النفط والغاز.
وفي الأشهر الأخيرة، كُشف عن العديد من مشروعات الهيدروجين الأخضر العملاقة في شمال أفريقيا.
إذ أعلنت شركة توتال إرين الفرنسية عن بناء منشأة بقيمة 10.7 مليار دولار أميركي في موقع عملاق بمساحة 170 ألف هكتار في المغرب.
كما وقّعت مجموعة سكاتك النرويجية صفقة لبناء مصنع هيدروجين أخضر في مصر باستثمار 5 مليارات دولار.
ومن جانبها، خصّصت ألمانيا ملياري يورو (2.13 مليار دولار) من الأموال العامة للشراكات في قطاع الهيدروجين الأخضر في المغرب وناميبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا.
كما وقعت شركة سيمنس الألمانية العملاقة مذكرة تفاهم مع مصر في عام 2021 لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر واسعة النطاق في البلاد، باستثمارات إجمالية تقدر بنحو 23 مليار دولار.