متابعات

بعد “تحرير السوق” كيف ستدبر الحكومة ارتفاع أسعار النفط؟

اقترب سعر النفط كثيرا من ملامسة سقف 80 دولار للبرميل قبل أسبوع، قبل أن يتراجع خلال الأيام الماضية ليغلق يوم الجمعة في مستوى 76.56 دولار للبرميل. وللإشارة فإن سعر البرميل كان يتراوح قبل عام بين 44 و49 دولار للبرميل عائدا من مستوى جد منخفض يقارب 20 دولار قبل عام من ذلك. وكانت التكهنات آنذاك تراهن على أن سعر النفط لن يتجاوز سقف 50 دولار بسبب الانتاج الأمريكي من الصخور الزيتية الذي سيصبح مربحا انطلاقا من هذا المستوى وبالتالي ستشكل العودة إلى استغلاله عامل توازن للسوق في مواجهة ارتفاع الأسعار.
المستويات الحالية لسعر البرميل تضع الشركات النفطية المغربية في وضعية حرجة للغاية. فالظرفية السياسية والاجتماعية، خاصة حملة المقاطة وتداعيات تقرير اللجنة البرلمانية حول أسعار المحروقات، تجعل من زيادة الأسعار الداخلية مغامرة غير محمودة العواقب. وذلك في الوقت الذي استنزفت الشركات مخزونها الذي شكلته خلال فترة الانخفاض الكبير لأسعار النفط وبدأت تتزود بالأسعار العالية الأخيرة، الشيء الذي سيأثر لا محالة على أدائها التجاري وأرباحها.
في هذا السياق يجري الحديث عن عمل حثيث داخل وزارة الشؤون العامة والحكامة لإخراج مرسوم جديد يضع حدا لهذه الورطة. وفي انتظار ما ستتوصل إليه وزارة الداودي فإن المراقبين يرجحون أن الحل الذي ستقترحه الوزارة لن يتعدى العودة إلى نظام المقايسة الذي جرى التخلي عنه من طرف الحكومة سابقا عندما سلمت السوق للشركات النفطية. وبالتالي فإن المرسوم الجديد سيقر ربط أسعار البيع في السوق الداخلية بتطور الأسعار العالمية وفي نفس الوقت سيحدد هامش ربح مقبول للشركات النفطية.
غير أن مثل هذا الحل، وإن كان سيخرج الشركات النفطية من مأزقها، إلا أنه سيورط الحكومة في وقف أخلاقي وسياسي يصعب الدفاع عنه، لكونها تخلت عن السوق باسم التحرير عندما كان أسعار النفط في انخفاض وتركت المستهلك في مواجهة مباشرة مع الشركات النفطية التي أصبحت تتحكم فعليا في السوق والأسعار. والآن مع عودة البترول للارتفاع تهب الحكومة لنجدة الشركات عبر ربط ثمن المنتجات النفطية بالسعر العالمي ومن خلال ذلك ضمان هامش ربح للشركات النفطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى