
في سياق دولي يشهد تصاعداً لتهديدات الفضاء الرقمي، كشفت جمعية مستعملي نظم المعلومات بالمغرب (AUSIM)، بشراكة مع مكتب PwC المغرب، عن نتائج النسخة الثانية من مؤشر “أوسيمتر 2025″، خلال لقاء خاص احتضنته العاصمة الرباط يوم الخميس 15 ماي الجاري، تحت عنوان: “تطور الاستراتيجيات السيبرانية في المغرب: ضرورة لإعادة الابتكار”.
ويعد “أوسيمتر” مؤشراً مرجعياً في مجال الأمن السيبراني على الصعيد الوطني، حيث يقدم صورة دقيقة عن مدى نضج وممارسات المؤسسات المغربية في هذا المجال الحيوي، في ظل التحولات التكنولوجية السريعة والتهديدات الإلكترونية المتنامية.
استند إعداد النسخة الجديدة من هذا المؤشر إلى دراسة ميدانية نوعية وكمية، شملت عينة واسعة من الفاعلين في القطاعين العام والخاص، ضمن أبرز المجالات الاستراتيجية للاقتصاد الوطني. وقد قامت فرق PwC بجمع وتحليل المعطيات وفق منهجية دقيقة، مكنّت من صياغة “كتاب أبيض” يُبرز بوضوح التحديات والفرص في مجال الأمن السيبراني بالمغرب.
وتشير نتائج التقرير إلى أن المؤسسات الوطنية تواجه اليوم ضغوطاً متزايدة لتطوير منظومات حماية رقمية أكثر فاعلية، لاسيما في ظل تعميم الحوسبة السحابية، واعتماد الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وهي تقنيات تفتح آفاقاً جديدة لكنها تطرح في الوقت ذاته إشكاليات أمنية معقدة.
في ظل هذا المشهد المتغير، يؤكد “أوسيمتر 2025” أن النماذج التقليدية للأمن الرقمي لم تعد كافية. فالتحديات الراهنة تفرض على الفاعلين اعتماد مقاربات أكثر مرونة، وتعاوناً، وقدرة على الصمود، من خلال تطوير رؤية أمنية استباقية ومتكاملة.
وحسب التقرير، فإن العديد من المؤسسات المغربية بدأت بالفعل في مراجعة بنيتها السيبرانية، غير أن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق نضج شامل ومستدام في هذا المجال. ويشدد الخبراء على ضرورة تبني حكامة فعالة، وإدماج الأمن السيبراني في صلب الاستراتيجية الرقمية للمؤسسة، وليس فقط كعنصر تقني جانبي.
وفي تعليقه على نتائج التقرير، قال هشام شيكر، رئيس جمعية AUSIM: “من خلال هذه النسخة الثانية من مؤشر الأمن السيبراني، نؤكد عزمنا على أن نكون قوة اقتراحية وجامعة للفاعلين الرقميين، بهدف تمكين منظومتنا من مجابهة المخاطر بثقة وطموح، واستثمار الفرص المتاحة في بيئة رقمية متسارعة.”
أما جمال بصري، الشريك المكلف بالاستشارة التكنولوجية لدى PwC المغرب، فأوضح من جهته أن: “هذا العمل يعكس التزامنا بمواكبة الفاعلين الاقتصاديين المغاربة في تحولهم نحو منظومات سيبرانية مرنة وآمنة. لقد سخرت فرقنا خبرتها في مجالات التشخيص والتحليل والمقارنة لتقديم رؤية عملية واستباقية حول مستقبل الأمن السيبراني بالمملكة.”
ويأتي إصدار هذا التقرير في إطار الرؤية الاستراتيجية التي تتبناها جمعية AUSIM منذ سنوات، والرامية إلى تحفيز النقاش الوطني حول الرقمنة الآمنة، وتطوير ممارسات الحوكمة السيبرانية، ومواكبة التحول الرقمي للمقاولات المغربية بأفضل المعايير الدولية.