يشهد سوق السيارات في المغرب تحولا جذريا في بنيته وتوجهاته، مدفوعًا بتغيرات في سلوك المستهلكين، ودعم متزايد من السياسات العمومية للتحول الطاقي. وسط هذه الدينامية الجديدة، برزت العلامة الصينية BYD كواحدة من أبرز الرابحين، محققة نموًا غير مسبوق في مبيعاتها.
فحسب آخر المعطيات الصادرة عن جمعية مستوردي وموزعي السيارات بالمغرب (AIVAM)، سجلت BYD ارتفاعًا قياسيًا في مبيعات السيارات السياحية خلال شهر ماي 2025، بلغ +713% مقارنة بالشهر نفسه من السنة الماضية، حيث انتقلت من 22 وحدة فقط إلى 179 وحدة، مما يجعلها من بين العلامات الأسرع نموًا في السوق المغربية.
اختراق مدروس للسوق المغربي
دخلت BYD السوق الوطنية سنة 2023 عبر شراكة استراتيجية مع الموزع المغربي “أوطو نجمة” (Auto Nejma)، المعروف بخبرته الطويلة في القطاع. واستطاعت العلامة، خلال فترة وجيزة، أن تؤسس لحضور قوي في مدن رئيسية مثل الدار البيضاء، الرباط، طنجة، مراكش وأكادير، عبر شبكة بيع وخدمات ما بعد البيع متكاملة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية توسعية واضحة تستهدف الاستفادة من فرص الانتقال الطاقي في المغرب، وتوفير طرازات كهربائية وهجينة تلبي احتياجات فئات متعددة من المستهلكين، خصوصًا أولئك المهتمين بالاستدامة والتكنولوجيا.
ولا يمكن قراءة نجاح BYD في المغرب بمعزل عن أدائها العالمي. ففي سنة 2024، تفوقت الشركة على منافستها الأمريكية تسلا من حيث حجم المبيعات، بعدما باعت أكثر من 1.8 مليون سيارة كهربائية وهجينة قابلة للشحن، مما جعلها في صدارة مشهد التنقل الكهربائي العالمي.
هذا النجاح يُعزى إلى الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة (خاصة بطارية “Blade” المبتكرة)، وجودة التصنيع، والأسعار التنافسية، وهو ما منحها موطئ قدم قويًا في أسواق كبرى مثل الصين، أوروبا، والآن المغرب.
طرازات مبتكرة للسوق المغربي
في السوق المحلية، ركزت BYD على تقديم باقة متنوعة من السيارات، تستجيب لحاجيات الزبائن المغاربة على مستوى الأداء، التصميم، وكفاءة استهلاك الطاقة:
BYD Atto 3: سيارة SUV كهربائية بالكامل، مدى يصل إلى 480 كلم، تصميم شبابي وتجهيزات متطورة.
BYD Seal: سيدان كهربائية قوية، متوفرة بنسختين: Design (313 حصان) وSport (530 حصان)، مع مدى يتجاوز 570 كلم.
BYD Seal U DM-i: سيارة SUV هجينة قابلة للشحن، توفر مدى إجمالي يصل إلى 1080 كلم، مناسبة للرحلات الطويلة.
BYD Seagull: سيارة مدمجة موجهة للتنقل الحضري، مدى يصل إلى 445 كلم، مع خصائص أمان وتجهيزات رقمية متميزة.
منافسة تتراجع أمام الصعود الصيني
مقارنة بمنافسيها في السوق المغربي، فرضت BYD إيقاعًا تصاعديًا مذهلًا. فعلى سبيل المثال، سجلت Geely نموًا بنسبة +251%، بينما لا تزال علامات مثل MG وGreat Wall تسعى لتثبيت حضورها، دون أن ترقى إلى نفس وتيرة BYD. هذا الأداء يعكس بوضوح تبدّل توجهات المستهلك المغربي، الذي بات يبحث عن بدائل مستدامة وعالية الأداء بعيدًا عن النماذج التقليدية العاملة بالوقود.
سياق حكومي مشجع وانتقال طاقي واعد
تحظى هذه الدينامية بمساندة من السياسات العمومية المغربية، التي تدفع بقوة نحو تسريع الانتقال الطاقي، وتعزيز مكانة المغرب كقطب إفريقي للطاقات المتجددة. ومن هذا المنطلق، تُعد BYD شريكًا مثاليًا في هذا التوجه، بفضل حلولها المتقدمة في مجال التنقل النظيف.
نحو مستقبل كهربائي في القارة
ما تحققه BYD في السوق المغربية ليس مجرد إنجاز محلي، بل هو جزء من رؤية عالمية شاملة، تسير فيها العلامة بخطى ثابتة نحو ريادة قطاع السيارات النظيفة. ويُمثّل نجاحها في المغرب بداية مرحلة جديدة نحو تعميم السيارة الكهربائية في شمال إفريقيا، وربما في القارة بأسرها.
