
أشرف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء، إلى جانب وزيرة التحول الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، على افتتاح المركز الجديد للبحث والتطوير التابع لشركة Oracle الأمريكية في مدينة الدار البيضاء، وذلك في إطار شراكة استراتيجية تهدف إلى تسريع وتيرة الابتكار التكنولوجي، وتعزيز مكانة المملكة كمحور رقمي على الصعيدين الإقليمي والقاري.
وأكد رئيس الحكومة، في كلمته خلال حفل الافتتاح، أن هذا المشروع يعكس رؤية المغرب في أن يصبح منصة رقمية إقليمية بامتياز، ويترجم التزام الدولة بجعل التحول الرقمي رافعة مركزية للعدالة المجالية والابتكار التكنولوجي. واعتبر أن إنشاء أول مركز بحث وتطوير لشركة Oracle في القارة الإفريقية ليس فقط إنجازاً رمزياً، بل استثمارًا استراتيجيًا يعكس الثقة العالمية في الكفاءات الوطنية والبنية التحتية الرقمية المغربية.
وأوضح أخنوش أن هذا المركز هو ثمرة تعاون استراتيجي انطلق منذ سنة 2022، عقب زيارة المديرة العامة لشركة Oracle إلى المغرب، والتي تُوجت بإبرام اتفاقية كبرى بين الطرفين. ومنذ ذلك الحين، بدأت عملية التوظيف التدريجي لمهندسين وتقنيين مغاربة، حيث يشغل المركز حالياً أكثر من 300 مهندس ينحدرون من مختلف جهات المملكة، ومن المتوقع أن يتجاوز عددهم 600 مع نهاية سنة 2025، ليصل إلى أكثر من 1000 مهندس بحلول سنة 2027.
وشدد رئيس الحكومة على أن المشروع يتجاوز حدود خلق فرص العمل، إذ يشمل أيضاً تطوير البحث العلمي، وتأهيل البنية التحتية الرقمية، وتكوين الكفاءات الوطنية، حيث التزمت Oracle بتكوين وتأهيل أكثر من 40.000 طالب مغربي في مجال التكنولوجيا بشراكة مع الجامعات الوطنية. وأشار أخنوش إلى أن 40% من مناصب الشغل التي سيوفرها المركز ستُحدث خارج محور الرباط – الدار البيضاء، في ما اعتبره تجسيداً فعلياً لمبدأ “الإنصاف الترابي” في توزيع الفرص والموارد.
وارتباطاً بالأهداف الاستراتيجية الكبرى، أبرز رئيس الحكومة أن هذه الدينامية تنسجم تماماً مع محاور استراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، التي تم إطلاقها في شتنبر الماضي، والتي تهدف إلى تكوين 100.000 شاب سنوياً في المهن الرقمية، وخلق 240.000 فرصة عمل مباشرة في الاقتصاد الرقمي، بالإضافة إلى دعم نمو المقاولات الناشئة والخدمات الرقمية الموجهة للتصدير.
من جهتها، شددت وزيرة التحول الرقمي، أمل الفلاح السغروشني، على أن المشروع ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى اعتماد الرقمنة كرافعة لتحسين أداء الإدارة العمومية، وتطوير جودة الخدمات، وتحفيز النمو الاقتصادي الوطني. وأشادت الوزيرة بتضافر الجهود المؤسسية والحكومية لتحقيق هذا الإنجاز، مؤكدة أن التنسيق والتكامل بين مختلف الفاعلين هو مفتاح نجاح المشاريع الكبرى ذات الأثر الاستراتيجي.
وأوضحت الوزيرة أن هذا المركز الجديد يمثل نموذجًا ناجحًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، ورافعة لتوطين التكنولوجيا المتقدمة في المغرب، مما يفتح آفاقًا واسعة أمام الكفاءات الوطنية، ويكرّس موقع المملكة كفاعل رئيسي في مجال الابتكار الرقمي على مستوى القارة الإفريقية.
على صعيد متصل قال كريغ ستيفن، النائب التنفيذي لرئيس شركة أوراكل: ” يترجم إنشاء هذا المركز بالمغرب إرادتنا الراسخة في الاستثمار في الابتكار وتكريس مقاربة شاملة تُعلي من قيمة التنوع. ونحن نعتمد في هذا المشروع على الرصيد البشري الرفيع الذي يزخر به المغرب، وموقعه الاستراتيجي الذي يؤهله لتطوير حلول متقدمة موجهة لأسواق إفريقيا، والشرق الأوسط، ومناطق أخرى من العالم”.
ومن المنتظر أن يُحدث المركز ألف وظيفة ذات كفاءة عالية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وأمن المعلومات، والتقنيات السحابية، إلى جانب استثمارات مصاحبة في مجالات التكوين والبحث التطبيقي، مما يُسهم في خلق قيمة مضافة اقتصادية وتنموية ملموسة.