متابعات

لهذه الأسباب غضب الملك من العثماني في ملفي التكوين والتأهيل الصناعي بسوس

خلال الاجتماع الذي ترأسه العاهل الملكي أمس بالرباط، بدا جليا أنه كان غاضبا من تدبير الحكومة لملفين هامين، يتعلق أحدهما بمخطط التأهيل الصناعي لجهة سوس فيما يخص الثاني مشروع التكوين المهني.

فبالنسبة لمخطط التأهيل الصناعي لجهة سوس نبه الملك الحكومة إلى “تعثر هذا المخطط  الذي لم يعرف أي تقدم منذ إطلاقه”، أما بالنسبة لمخطط التكوين المهني فقد دعا العاهل الملكي إلى “الانكباب على النواقص  التي تشوبه”، بل إنه لم يتردد  في الأمر “بتأجيل اللقاء الوطني حول التكوين والتشغيل” الذي عرضه عليه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى  موعد لاحق.

ففي الملف الأول (التأهيل الصناعي لسوس) تجد الغضبة الملكية ما يبررها، في كون هذا المخطط الذي شارف على نهايته(2014/ 2020)  لم يراوح مكانه حتى الآن، كما أن عشرات المشاريع التي يتضمنها و الاتفاقيات الموقعة في إطاره أمام الملك، مازالت بدورها حبرا  على ورق.

ولبعث الروح في هذا المخطط الجامد، قام الملك، مطلع العام الجاري، بترؤس مراسيم التوقيع في أكادير على دزينة من  البروتوكولات والاتفاقيات الصناعية، تتعلق  بتنفيذ 11 استثمارا صناعيا بجهة سوس – ماسة، إلى جانب 8 اتفاقيات، تتوزع على أربعة قطاعات اقتصادية تشمل مواد البناء والصناعات البلاستيكية وصناعة الورق والكرتون وكذا الأوفشورينغ.

وتهم أول منظومة صناعية والمتعلقة بمواد البناء ثلاث سلاسل هي “البناء المفكك” والخاصة بخلق وحدات لتصنيع مواد خرسانية مفككة والإسمنت المسلح سلفا، والتي تتكلف بها كل من شركات “ساديت” و”فيتكام” و”داوود بيلدينغ” و”سيكماكو” و”الإسمنت وتثمين النفايات” وهو قطاع يهم إحداث أرضية للتثمين الطاقي والنفايات المنزلية، والذي ستشرف عليه “إسمنت المغرب” و”لافارج هولسيم” ويتعلق الأمر أيضا بسلسلة الآجر التي يقوم بإنجازها “بركوتري داتلانتيك” والرامية لإحداث وحدة لصناعة الآجر من الطين بواسطة الأراف”.

وتخص ثاني منظومة صناعية قطاع الصناعات البلاستيكية، الذي يشمل التلفيف والبلاستيك الموجه للاستخدام الزراعي.

وتتعلق سلسلة التلفيف، التي تقوم بها شركة “إس جي إي بي إس”، بإحداث وحدة لصناعة العلب والأكياس الزراعية، فيما تهم سلسلة البلاستيك الموجه للاستعمال الزراعي، على الخصوص، إحداث وحدات لصناعة قنوات الري (فلاح مانوفاكتورينغ).

وتهم المنظومة الصناعية الثالثة “صناعة الورق والكرتون” والهادفة إلى إقامة مركز لتجميع الورق والكرتون القابل للتدوير وتوسيع وحدة الكرتون المموج بأكادير والذي ستشرف عليه “غرب بابيي إي كارتون (جي بي سي)”.

وفي ما يتعلق بقطاع تحويل الخدمات “الأوفشورينغ” فإنه يهم إحداث مركز جديد للعلاقات مع الزبناء والذي يوفر 950 منصب شغل، والذي سلم إلى “ويب هيلب أكادير”.

غير أنه بعد مرور 10 أشهر من توقيع هذه الاتفاقيات، تبين أن هذا المخطط لا يشكل أولوية مستعجلة في أجندة حكومة سعد الدين العثماني وهو ما جعل بلاغ الديوان الملكي لا يخفي مدى انزعاج الملك من هذا التباطؤ الحكومي حيث ” أثار جلالة الملك الانتباه لتعثر هذا المخطط، الذي لم يعرف أي تقدم منذ إطلاقه، داعيا القطاع المعني، إلى تضافر الجهود، وتحمل مسؤولياته، قصد الإسراع بتنزيله داخل الآجال المحددة”.

أما الملف الثاني الذي استوجب الغضبة الملكية فهو موضوع تأهيل وتحديث قطاع التكوين المهني، والذي كان في الأصل النقطة الوحيدة في جدول جلسة العمل، لولا أن العاهل الملكي تساءل عن المخطط الصناعي بسوس.

ولم يخل ورش إصلاح التكوين المهني بدوره من أعطاب منذ سنة 2016، أي منذ أيام ترؤس العربي بن الشيخ للمكتب، حيث كان مخطط تنمية المكتب في أفق 2020   يتحدث عن إنشاء 120 مؤسسة تكوينية جديدة، وهو ما كان سيرفع  القدرة الاستيعابية للمكتب إلى 650 ألف مقعد بيداغوجي بحلول موسم 2019-2020 وكذا تكوين مليون و726 ألف شاب وشابة في أفق سنة 2020. غير أن العديد من تفاصيل هذا المخطط سيتم التخلي عنها في ظل تباطؤ وتيرة الانجاز.

وبعدها أصبح الحديث عن مخطط أخر أعاد فبركة أرقام جديدة  تتحدث عن تكوين 2 مليون متدرب في أفق 2025، قبل أن يتم التراجع عن هذا المخطط بدوره . وهكذا أعادت حكومة العثماني صياغة مخطط جديد  ينسخ ما قبله، ويتمحور مبدئيا حول ستة توجهات كبرى: تعزيز عرض التكوين، تحسين قابلية التشغيل، الرفع المتواصل لجودة التكوين، تعزيز الشراكة والتعاون الدولي، تنمية الخدمات الموجهة للمقاولات وإعادة هيكلة المديريات المركزية والجهوية، بالإضافة إلى وضع استراتيجية تواصلية مندمجة.

وبالنسبة لتعزيز عرض التكوين  وعدت الحكومة في مطلع العام الجاري بأنها سترفع الطاقة الاستيعابية للمكتب إلى 592  ألف مقعد بيداغوجي في التكوين الأساسي، كما ستبلغ شبكة المؤسسات 370 مؤسسة تكوينية، عبر إحداث 24 مؤسسة جديدة (12 قطاعية و12 متعددة الاختصاصات)، كما ستخضع 30 مؤسسة لعملية التوسيع والإصلاح. وقالت إن التكوين بالتناوب سيشهد بدوره الرفع من عدد المستفيدين منه، إذ سينتقل إلى 113.000 مقعد بيداغوجي، ما يعادل 35 في المائة من مجموع جهاز التكوين. هذا بالاضافة الى الجانب الاجتماعي الذي يؤكد واضعو المخطط أنه سيكون حاضرا بدوره في دائرة اهتمامات المكتب، إذ سيتم إحداث مركزين جديدين للتكوين بالوسط السجني، بكل من مدينة أصيلا ووجدة، بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء. كما سيتم اقتناء وحدتين متنقلتين للتكوين وبناء 5 داخليات جديدة بكل من أزمور وميدلت وبني ملال وأزيلال وسطات.

إلا أن الأرقام الواردة في المخطط تبقى بعيدة عن أرض الواقع حيث مازال عرض المكتب من حيث القدرة الاستيعاب لا يتعدى اليوم حوالي 544 ألف مقعد  كما أن الوصول إلى تكوين مليوني متدرب يظل هو الأخر حلما بعيد المنال سيما إذا علمنا أن عدد المستفيدين حاليا من برامج المكتب لا يتعدى 530 ألف متدرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى