سيدات الأعمالوجهات نظر

اعميرة: تنشيط الاقتصاد بتعزيز التكنولوجيا السحابية لبيئة ريادة الأعمال

سليمة أعميرة – المديرة العامة لشركة Microsoft بالمغرب.

 

لا ريب في أن نجاح شركاتنا الناشئة والصغيرة سيدعم الانتعاش الاقتصادي. ويُعزى ذلك إلى أن ما يقدر بنحو 90 بالمائة من جميع الشركات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا (MEA) تُصنف ضمن فئة الشركات الصغيرة إلى متوسطة الحجم (SMB)، مما يسلط الضوء على الأهمية الاقتصادية لهذه الشركات الريادية.

بناء القدرة على الصمود هو الدرس الذي فرضته علينا الجائحة و هو العامل الرئيسي لضمان استمرارية الأعمال في ظل ظروف أسواق دائمة التغير والتي تعمل فيها العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة بميزانيات أكثر إحكامًا. إن جذور القدرة على الصمود المطلوبة متأصلة في التحول الرقمي، مما يسمح للشركات بتبسيط العمليات والتطور لتلبية الاحتياجات الحالية بصورة أفضل، مع تطوير المرونة التي ستعمل على تمكين المحاور السريعة استجابة للتغيرات المستقبلية.

يتعلق التحول بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة بتبني التكنولوجيا الجديدة بقدر ما يتعلق بسرعة عملية الاعتماد هذه. ويمتد إلى ما هو أبعد من ذلك: فيجب أن يُعزز التحول قدرة الشركات على تأسيس إمكاناتها الرقمية الخاصة تطويرها أيضًا. لقد أصبح التغيير واقعًا الآن، وفي هذا الوضع “الطبيعي الجديد”، صار الابتكار هو العامل الذي تتميز به المؤسسات عن بعضها بعضًا. وهذا هو السبب وراء أهمية تمكين بيئة ريادة أعمال يزدهر فيها الابتكار.

يمثل تبني التكنولوجيا السحابية بين الشركات الصغيرة والمتوسطة خطوة أولى مهمة في رحلتهم إلى التحول الرقمي و في سعيهم لتحقيق القدرة على الصمود. وعلاوة على هذه الخطوة الأولى، فإن القيام بنشاط تجاري بالاستعانة بالسحابة على المدى الطويل يمثل أيضًا أفضل رهان لعمليات مواكبة المتطلبات المستقبلية في الاقتصاد الرقمي العالمي. وسيُدفع هذا الاقتصاد بأحدث التقنيات، بداية من الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلّم الآلي (ML) وصولاً إلى إنترنت الأشياء (IoT)، والتي تستخدم السحابةِCloud  كمنصة. ومثلما تُشير  Information Technology & Innovation Foundation (مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار) إلى أن “الحوسبة السحابية تمثل عنصرًا أساسيًا في التطورات التجارية الجديدة التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات”، والتي ستُحفز في حد ذاتها الاقتصاد من خلال قيادة حلول جديدة للمشاكل الحالية.

لا يمكن التقليل أبدًا من أهمية السحابة في تمكين سبل جديدة وضرورية لتنفيذ الأعمال التجارية، وتوضح الدراسات الاستقصائية الأخيرة قدرة التكنولوجيا على تلبية هذه الحاجة. ويُشير تقرير The Future of Business Resilience (مستقبل قدرة الأعمال على الصمود)، الذي أصدرته شركة Microsoft في عام 2020، إلى أن الاستثمار في أحدث التقنيات (التي تشمل الحوسبة السحابية) يؤدي إلى زيادة إنتاجية القوى العاملة بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 بالمائة، وزيادة سرعة الوصول إلى السوق بنسبة 40 إلى 50 بالمائة وذلك من بين بعض الفوائد الأخرى. ووفقًا للتقرير فالاستثمار في مثل هذه التكنولوجيا بصورة استباقية بدلًا من الاستثمار بصورة تفاعلية (كما كان الحال بالنسبة للعديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة أثناء الجائحة) يحقق أيضًا عوائد أعلى بنسبة 50 بالمائة، مما يسرع من عملية التحول الرقمي بنسبة 14 بالمائة. ومع انتقال الاقتصادات من مرحلة الاستجابة الأولية لتغيرات السوق التي أحدثتها الجائحة، فقد حان الوقت لتبني حلول استباقية لبناء أعمال تجارية مستدامة في المستقبل.

لا تُعد ولا تحصى الفوائد والمنافع الجلية، العائدة على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتبنى الانتقال إلى التكنولوجيا السحابية، ومنها: تحسين الإنتاجية والوصول الأسرع إلى السوق والعائد الأعلى على الاستثمار. وتكمن قوة التكنولوجيا السحابية في حقيقة أنها تذلل العقبات المحتملة أمام إنشاء شركة صغيرة إلى متوسطة الحجم وتطويرها. ومن بين هذه العقبات؛ التكلفة العالية للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والوصول إلى التكنولوجيا الجديدة والصعوبة والاستثمار اللازمين لتنويع الأعمال للوصول إلى عدد أكبر من الجمهور.

وفقًا لتقرير Deloitte، اعتمدت نسبة 93 بالمائة من الشركات التي شملها الاستطلاع من جميع أنحاء العالم على السحابة لتلبية بعض من احتياجات الذكاء الاصطناعي لديهم أو كلها. وهذا مثالًا واحدًا على الطريقة التي تساعد بها السحابة على عملية الابتكار، وذلك نظرًا لأنها تُتيح الوصول إلى التقنيات الجديدة التي ستوفر حلولًا جديدة، مما يزيد من فرص الأعمال في التنويع أيضًا. ويؤدي السماح بالوصول إلى الأسواق بسرعة أكبر أيضًا إلى توفير مساحة للتفكير الابتكاري ليزدهر فيه، وذلك دون التقيد بالقيود الزمنية الأمر الذي يثقل كاهل إنتاجية الشركات.

تؤدي تقلبات الطلب في الأسواق دائمة التطور إلى الضغط على الموارد المحدودة للشركات الصغيرة والمتوسطة. تمثل القدرة على مد أو تقليص الخدمات في السحابةِ ميزة تخلص من الحاجة إلى ضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، إلى جانب توجيه الميزانيات إلى أجزاء أخرى من العمل. في الواقع، أفادت 70 بالمائة من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي شملها الاستطلاع أنها تمكنت من إعادة استثمار المدخرات التي حققتها نتيجة للانتقال إلى التكنولوجيا السحابية في أعمال أخرى، كما أفاد 82 بالمائة منهم عن انخفاض تكاليف الأعمال بعد عملية الانتقال هذه.

تُشكِّل الحاجة المستمرة للاستثمار في عمليات ترقية الأنظمة، للتأكد من أن أنظمة الأمان بها أحدث الإصدارات على سبيل المثال، عبئًا من ناحية التكاليف الإضافية التي توفرها الشركات الصغيرة والمتوسطة التي انتقلت إلى السحابة، حيث تُجرى بها التحديثات تلقائيًا. وتمنح التحديثات المستمرة الطمأنينة من الناحية الأمنية و ضمان تواجد النسخ الاحتياطية التلقائية. وتكون عملية استعادة البيانات إذا لزم الأمر من السحابة أسرع استعادةها من النظام المحلي، مثلما تُشير شركة Columbus العالمية، وهذا يقلل بدوره من تعطل الأعمال.

و يُشير تقرير Flexera 2020  State of the Cloud.  أن الشركات الصغيرة والمتوسطة مهيأة تمامًا لإجراء عمليات انتقال أسهل، مما يدعم النمو الذي شهد حديثًا في الإنفاق على السحابة.

و هذا يؤكد الدور الحاسم للتكنولوجيا القائمة على السحابة في تمكين الانتعاش الاقتصادي الشامل، مع قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الابتكار بشكل أسرع بكثير وأكثر أمانًا وبتكلفة أقل بكثير. وهذه هي البيئة المواتية التي يجب علينا تعزيزها للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة الجديدة على حد سواء إذا أردنا لاقتصاداتنا الانتعاش بنجاح بعد الجائحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى