رئيسيةمع المستهلك

أسعار السجائر.. هكذا تضيع ملايين الدراهم على خزينة الدولة

ابتداء من فاتح يناير المقبل سيكون على ملايين المغاربة تحمل زيادات جديدة في أسعار واحدة من أكثر المنتوجات استهلاكا على الصعيد الوطني ويتعلق الأمر بالسجائر حيث يتوقع أن تبلغ الزيادة الجديدة ما بين درهمين و3 دراهم للعلبة.

الزيادة الجديدة في أسعار السجائر تجد تبريرها في القرار الذي اتخذته الحكومة سنة 2022 إذ وضعت مخططا يمتد على خمس سنوات يهدف إلى الرفع من معدل الضرائب المطبقة على السجائر بين سنتي 2022 و2026، ما سيكون من نتائجه تمكين خزينة الدولة من استخلاص ضريبة داخلية للاستهلاك TIC بقيمة 706 دراهم، كحد أدنى، لكل ألف سيجارة سنة 2022، مقابل 742 درهما لكل ألف سيجارة سنة 2023، ثم 778 درهما لكل ألف سيجارة سنة 2024 و818 درهما و854 درهما لكل ألف سيجارة على التوالي لسنتي 2025 و2026 (انظر الجدول رفقته).

تبعا لذلك، سيكون معدل الضريبة المفروضة على كل علبة سجائر في حدود 14.84 درهما، ما سينعكس بالضرورة على سعر البيع النهائي الذي تنضاف إليه مصاريف الإنتاج والتعليب والتخزين والتوزيع فضلا عن تكاليف أخرى تتحملها الشركات المصنعة أو المستوردة للسجائر.

وبالنسبة للسنة المقبلة 2023 يتوقع مشروع قانون المالية، المعروض للمناقشات منذ أسابيع، نموا في مداخيل الضريبة الداخلية على الاستهلاك الخاصة بالسجائر لترتفع بنسبة 5,82 في المائة لتصل إلى أزيد من 12.5 مليار رهم مقابل 11.8 مليار في السنة الفارطة.

نظريا هذا ما خططت له الحكومة سنة 2022 حين أقرت مخططها الخماسي، حيث تم الاتفاق على تطبيق زيادة في أسعار السجائر المعروضة للبيع في السوق الوطني من طرف جميع الفاعلين في القطاع، إلا أن العكس هو ما حصل إذ أنه في وقت التزمت بعض العلامات بالقرار، تنصل فاعلون آخرون منه. ما أفضى في النهاية إلى تسجيل زيادة في “السجائر الشعبية المغربية” وأشهرها علامة “كازا” و”ماركيز”، في حين حافظت السجائر التي تصنف ضمن خانة “الفاخرة”، على أسعارها دون تغيير ما ضيع على الدولة بالتالي نسبة مهمة من المداخيل الضريبية التي كانت متوقعة في قانون المالية للسنة الماضية.

أرباح أقل.. ضرائب أقل

ما حصل السنة الماضية من تنصل بعض الفاعلين من تطبيق الزيادات التي أقرتها “لجنة المصادقة على الأسعار” التي تستقبل طلبات الفاعلين في القطاع بشأن الزيادات المقترحة لكل صنف من أصناف السجائر المسوَّقة، أمر قد يحدث مجددا هذه السنة.

وحسب أحد الفاعلين في القطاع، ممن استقت “بزنسمان ماغازين” رأيهم، فالذي حصل السنة الماضية هو “مقاومة” بعض الفاعلين لقرار الرفع من الأسعار الذي أقرته الحكومة، حيث فضلت الشركات المسوقة للعلامات “الفاخرة” التخلي عن حصص من أرباحها، بدل رفع الأسعار الذي سيفضي أوتوماتيكيا إلى رفع نسبة الضرائب التي تؤديها إلى خزينة الدولة، ما يمكنها من ضمان ولاء زبنائها علما أن هوامش الربح التي تحققها عن كل نوع من هذه الأنواع المستوردة يصل في بعض الأحيان إلى نحو 12 درهما عن كل علبة، على عكس الفاعلين الذين يسوقون “السجائر الشعبية” الملتزمين بالقرار الحكومي والذين لا يجدون مفرا من تطبيق الزيادة على الأسعار ما يشكل عبئا على مستعمليها من الفئات الشعبية”.

بهذا الخصوص يقول المصدر ذاته: “هذه صورة من صور “التحايل” على القانون التي تعتمدها بعض العلامات، منذ عقدين، لتفادي أداء مبالغ إضافية لخزينة الدولة كضريبة على المبيعات المحققة، وتتبع معدل زيادة الأسعار خلال السنوات الأخيرة كفيل بالوقوف على هذه الأمر للتحقق من غياب مبدأ المنافسة وتكافؤ الفرص بين “السجائر الشعبية” والسجائر الفاخرة”.

التفاوت الصارخ بين الزيادات المسجلة بين “العلامات الشعبية” و”الفاخرة” يطرح تساؤلات أيضا لدى المدخنين، وبهذا الخصوص يقول إدريس الهاشمي، وهو صاحب محل لبيع التبغ بالدار البيضاء، “في ظل الزيادات الأخيرة في عدد من المواد الاستهلاكية، صار الكثير من الزبناء يسألون عن أي زيادة جديدة في أسعار السجائر بمجرد ولوجهم المحل، لكن الملاحظة التي يمكن تسجيلها هي أن العديد منهم أضحوا يعبرون عن تذمرهم من الزيادات التي تطال السجائر الشعبية دون غيرها من الأنواع، خاصة المستوردة، علما أن الغالبية من مستعملي السجائر هم من الفئات محدودة الدخل التي تجد صعوبة في توفير ثمن علبة سجائر شعبية، ولا يمكنها بأي حال اقتناء سجائر مستوردة رغم أن فارق السعر لم يعد كبيرا كما السابق”.

ومن خلال تتبع مستوى زيادة أسعار بعض أشهر العلامات التي يستهلكها المدخنون المغاربة يمكن التحقق من هذا الأمر حيث نجد أن علامة “كازا” الأشهر وطنيا عرفت زيادة من سعرها من 7.50 درهما سنة 2005، إلى 9.50 درهما سنة 2010، ثم قفزت إلى 24 درهما سنة 2022، ما يمثل نسبة زيادة عامة بلغت بين 2005 و2022 تبلغ 220 في المائة.
علامة شعبية أخرى يفضلها المغاربة هي “ماركيز” التي انتقلت من 16 درهما سنة 2005 إلى 17.50 درهما سنة 2010، ثم إلى 25 درهما سنة 2022 أي بنسبة زيادة بلغت 50 في المائة.

ومقابل هذا اكتفت علامة “مارلبورو” المستوردة مثلا بنسبة زيادة في حدود 19 في المائة بين 2005 و2022، حيث لم تبلغ الزيادة خلال عقدين سوى 5 دراهم. وهو الأمر نفسه بالنسبة لعلامة “ونستون” التي استقر سعرها في 32 درهما بين 2005 و2010، ثم انتقل إلى 37 درهما سنة 2022 ما يمثل فقط نموا في السعر بواقع 16 في المائة.

ولعل المثال الصارخ هو الذي يهم علامة “كاميل” المستوردة أيضا، حيث حافظت على سعرها في حدود 32 درهما بين سنتي 2005 و2010، ثم انتقل إلى 33 درهما سنة 2022، ما يمثل نموا في حدود 3 في المائة فقط.

وعلى العموم، سيكون علينا انتظار ما ستسفر عنه اجتماعات “لجنة المصادقة على الأسعار” المقرر انعقادها منتصف شهر دجنبر المقبل، لمعرفة مدى استعداد مجموع الفاعلين في قطاع التبغ للالتزام بمخطط الحكومة للرفع من الأسعار ضمانا لتحقيق الهدفين الأساسين الذين تخطط لهما الحكومة وهما: زيادة قيمة الضريبة الداخلية للاستهلاك المفروضة على السجائر ضمن تركيبة المداخيل الضريبية لميزانية الدولة، وأيضا دفع المدخنين إلى التخلي عن السجائر، وهي على العموم السياسة التي تطبق في عدد من الدول التي تسعى إلى تقليص أعداد المدخنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى