
كشفت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية عن طفرة غير مسبوقة في مؤشرات اليقظة المالية بالمملكة، حيث سجلت أرقاما قياسية تعكس تشديد الرقابة على التدفقات المالية المشبوهة وانخراطا واسعا لمختلف الفاعلين الاقتصاديين في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وحسب المعطيات الإحصائية للتقرير الصادر عن الهيئة برسم سنة 2024 فقد تم التوصل بما مجموعه 8,172 تصريحا بالاشتباه، مسجلة بذلك زيادة قوية بلغت 62.11% مقارنة بسنة 2023. وتتوزع هذه الحصيلة بين 7,991 تصريحا مرتبطا بجريمة غسل الأموال، و181 تصريحاً تتعلق بتمويل الإرهاب.
ويشير التقرير إلى أن هذا المنحى التصاعدي استمر طيلة السنوات الخمس الماضية، حيث انتقل العدد الإجمالي للتصاريح من 1,854 تصريحا فقط في سنة 2020 إلى أزيد من 8 آلاف تصريح في 2024، مما يجسد تطور الوعي لدى الأشخاص الخاضعين للقانون والمهنيين.
لا يزال القطاع المالي يشكل المصدر الرئيسي لهذه التصاريح بنسبة تناهز 94% من إجمالي المراسلات الواردة على الهيئة. وتأتي المؤسسات البنكية في المقدمة بمساهمة حاسمة، متبوعة بقطاع مؤسسات الأداء الذي سجل طفرة نوعية في عدد التصاريح المرفوعة، وهو ما يعكس التطور التكنولوجي في مراقبة المعاملات المالية الرقمية.
أما على مستوى المهن والحرف غير المالية، فقد سجل التقرير تحسنا في وتيرة تصاريح الكازينوهات ومؤسسات الألعاب، والوكلاء العقاريين، والموثقين، رغم بقاء نسبها دون مستوى القطاع البنكي، وهو ما عزته الهيئة إلى تكثيف الدورات التحسيسية والرقابة الميدانية.
على المستوى التشغيلي، عالجت الهيئة خلال السنة ذاتها ما مجموعه 4,120 طلب معلومات على المستوى الوطني، بزيادة قدرها 28% مقارنة بالسنة الماضية. وتوزعت هذه الطلبات بين السلطات القضائية ورجال الضبط القضائي الذين كثفوا من استفساراتهم حول الملفات المالية المعروضة أمام المحاكم.
أما على الصعيد الدولي، فقد قامت الهيئة بتبادل 215 طلبا للمعلومات مع نظيراتها من وحدات المعلومات المالية الأجنبية، مما يؤكد الانخراط الفعال للمغرب في الشبكة الدولية لمكافحة الجريمة المالية العابرة للحدود.
وأوضح التقرير أن التحليلات العملياتية المعمقة التي باشرتها أطر الهيئة، أفضت إلى إحالة 125 ملفا على وكيل الملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، نظرا للاشتباه في ارتباطها بجرائم غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 15% في عدد الإحالات القضائية مقارنة بالفترة السابقة.
وحسب التقرير السنوي للهيئة الوطنية للمعلومات المالية، فإن هذه المؤشرات في سياق زمني حاسم، حيث تستعد المملكة المغربية للجولة الثالثة من عملية التقييم المتبادل من طرف مجموعة العمل المالي (GAFI) والمقررة في أكتوبر 2025.
وتعتبر الهيئة أن “النجاعة العملياتية” المسجلة في هذا التقرير هي الضمانة الأساسية لتحصين موقع المغرب ضمن “اللائحة البيضاء” للدول الممتثلة للمعايير الدولية، وتعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني للاستثمارات الأجنبية.






