مقاولات

ما الذي يحدث في بيت الاتحاد العام لمقاولات المغرب؟

الصورة المرفقة هي واحدة من الصور الكثيرة التي ينشرها صلاح الدين مزوار، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، على حسابه بموقع “تويتر” لكن هذه الصورة حرص على إرفاقها بتعليق يقول فيه إنه “أول اجتماع لمكتب الاتحاد في سنة 2019″، مضيفا في تعليقه: “التزام قوي بإنجاح المهمة الجماعية في خدمة المقاولات والاقتصاد.. مرحبا بالأعضاء الجدد في المكتب: نبيلة فردجي، أمينة فيكَيكَي، خالد الشدادي، ومحمد فيكرات”..

لكن هل هي صورة عادية مثل غيرها من الصور التي ينشرها مزوار ويتقاسمها مع أصدقاءه، أم أن توقيتها والعبارات التي استعملها تحتمل أكثر من قراءة؟

المطلعون على المطبخ الداخلي لتجمع رجال الأعمال يعتقدون أن التحركات الأخيرة لمزوار وراءها رغبة في الرد على الكثير من الأخبار التي يتم تداولها في الصالونات بوجود شرخ نتيجة عدد من الأخطاء التدبيرية التي ارتكبها خليفة مريم بنصالح، والتي أثرت على تماسك فريقه ودفعت أسماء وازنة في عالم الأعمال إلى أخذ مسافة منه، كما حدث مع أحمد رحو رئيس البنك العقاري والسياحي والذي يشعل منصب نائب الرئيس.

أولى الأخطاء التي يتحجج بها “الغاضبون” من مزوار تخليه عن نائلة التازي المستشارة البرلمانية عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، كممثلة لفريق الباطرونا في مكتب مجلس المستشارين لصالح عبد الحميد الصويري وهو ما جر عليه غضب فئات عريضة من رجال الأعمال، وكان موضوع رسالة طويلة بعثت بها نائلة إلى عبد الإله حفظي رئيس الفريق تضمنت العديد من الاتهامات التي لم يتواصل بشأنها اتحاد الباطرونا أبدا. بل أكثر من هذا يربط الكثيرون بين قرار حرمان نائلة من منصب الخليفة الخامس لمجلس المستشارين وبين القطيعة التامة التي حصلت بينها وبين مزوار مباشرة بعد انتخابه رئيسا علما أنها كانت من المقربين من مريم بنصالح وكانت لها اليد الطولى في قطب التواصل الذي أبعدت عنه.

بدوره شكل رحيل أحمد رحو من منصبه مفاجئة، وهناك من يتحدث عن أن رئيس “السياش” انسحب بسبب غضبه من طريقة تدبير مناقشات مشروع قانون المالية لسنة 2019، والتي أظهرت شبه “استسلام” للباطرونا أمام الحكومة، وهو ما عبر عنه البلاغ الصادر لاحقا عن الاتحاد الذي عبر عن رضاه من التدابير الواردة فيه، في وقت رفضت الحكومة معظم التعديلات التي قدمتها الباطرونا خلال مناقشات المشروع.

انسحاب رحو، الذي كان يرأس اللجنة المشتركة التي قادت المشاورات مع محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية، ربما يخفي أيضا علاقة متوترة مع عبد الإله حفظي رئيس فريق الباطرونا بمجلس المستشارين الذي صارت له اليد الطولى في الاتحاد بتزكية من مزوار نفسه، لكن هذه الرواية تكلف فيصل مكوار، نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بتكذيبها لاحقا حيث قال في تصريح صحافي: “إنه كان هناك اتفاق مسبق مع أحمد رحو الذي عين مؤقتا نائب الرئيس مكلف بلجنة التنافسية ومناخ الأعمال بحكم اشتغاله منذ سنوات على الملفات المرتبطة بهذه اللجنة، وكنائب للرئيس شارك في مناقشة قانون مالية 2019. وكان هناك اتفاق منذ التحاقه بالباطرونا  على أن ينسحب عند حصول تقدم في هذه الملفات”

مكوار أضاف: “رحو سيظل قريبا من الاتحاد على مستوى الاستشارة ودراسة الملفات الكبرى من قبيل المناظرة الوطنية حول الجبايات”.

أسماء أخرى لم تخف امتعاضها مما يحدث في الاتحاد العام للمقاولات، ومنها من هدد أيضا بالانسحاب على غرار رحو، ولعل أبرز اسم ضمن هؤلاء الغاضبين هو مروان طرفة، عضو مكتب الاتحاد، ورئيس مجموعتي “صوميد”، و”سوبريام” الذي ألمح إلى إمكانية رحيله في حال لم يتم تقويم الاختلالات في أقرب فرصة.

متاعب مزوار لا تنتهي عند هذا الحد، فعلى بعد أربعة أشهر فقط من الذكرى الذكرى الأولى لانتخابه على رأس الباطرونا، يجد صعوبة في الحسم في الهيئات المسيرة، وبشكل خاص مجلسها الإداري الذي يحدد السياسة العامة للاتحاد والتوجهات الرئيسية لاستراتيجيته.

ولأن الرجل انتخب بفارق مريح عن منافسه حكيم مر اكشي، بفضل كثير من التوافقات والترضيات، فإنه يجد نفسه اليوم أمام “خلل قانوني” بسبب العدد الكبير من الأعضاء الذين عينهم في المجلس الإداري، ما يتعارض مع المادة 23 من القانون الأساسي الذي يحصرهم لزاما في ثلث الأعضاء مالكي حقوق التصويت، والحال أن الوضعية الحالية تكشف تجاوز الحد المسموح به بنحو 24 عضوا.

وعودة إلى الصورة التي نشرها صلاح الدين مزوار يظهر عضوان جديدان انضما إلى المكتب هما على التوالي نبيلة فردجي، التي تشغل منصب رئيسة لجنة العلاقات مع المؤسسات الدولية، وخالد الشدادي الرئيس المدير العام للصندوق المهني المغربي للتقاعد، وانضمامهما إلى المكتب جاء ليعوض غياب كل من حكيم عبد المومن، الذي انتخب رئيسا لفديرالية السيارات التابعة للباطرونا، ما يضعه في حالة تنافي، وأحمد رحو الذي اختلفت الروايات بين رحيله بسبب أجندته المليئة بالمهام، وبين من يرى أن رحيله تعبير عن عدم توافق خفي مع مزوار وأعضاء آخرين من محيطه.

لكن ما تخفيه الصورة هو أن التعيينات الكثيرة التي قام بها مزوار احتكمت إلى منطق الولاءات والقرابة أكثر من احتكامها إلى حجم المقاولات والتنظيمات المشكلة للاتحاد، وعن هذا كتبت مجلة “تيل كيل” قبل أسابيع، تقول إن مزوار أقدم على موجة تعيينات في دون سند قانوني وعلى رأس من عينهم نبيلة فردجي ومصطفى ملوك وصلاح الدين القدميري، فضلا عن ما أسمته “القرابات التي تتحكم في خيارات الرئيس على رأسها تعيين صديقه خالد بنجلون، نائبا للرئيس مكلفا بالشؤون الدولية، علما أن بنجلون كان مديرا لشركة CTC Maroc التي سيرها مزوار ابتداء من نهاية 2017 ومنحته الأهلية للترشح الانتخابات الاتحاد. ثم محمد حامد العثماني رئيسا لقسم المواهب والتكوين والتوظيف”. وهو المدير العام للشبكة الاستشارية للأعمال LMS، التي يرأسها شقيق صلاح الدين مزوار عبد القادر مزوار.

من التعيينات التي أثارت الريبة أيضا، حسب المجلة، تعيين زكرياء فهيم رئيسا للجنة الشركات الصغرى والمتوسطة وهو الذي تربطه صلة قرابة عائلية بمزوار، أما لجنة الدبلوماسية الاقتصادية إفريقيا، وجنوب-جنوب، فقد وضع مزوار على رأسها محمد عزيز القادري، الذي كان أحد مستشاريه عندما شغل منصب وزير المالية، تورد “تيل كيل”.

أزمة الاتحاد لا تقتصر فقط على الأعضاء، بل تمتد أيضا لتشمل الإداريين، وقبل أسابيع رفعت مريم كاف، وهي مسؤولة بقطب التواصل والماركوتينغ والعلاقات العامة، دعوى قضائية ضد إدارة اتحاد الباطرونا بسبب ما تصفه تخفيض رتبتها الإدارية، وتركها دون مهمة منذ دجنبر الماضي.

مريم كاف، تقول في الدعوى المرفوعة إنها عادت من إجازة مرضية لتجد نفسها قد عوضت بزميل لها في القسم وهي الوضعية التي لم تتم تسويتها رغم عدد من الرسائل التي بعثتها إلى إدارة الاتحاد، التي ردت على استفسارات مفتشية الشغل بكون تغيير المسؤول فرضه حساسية المنصب وضرورة تعيين خلف للمسؤولة، بالنظر إلى طول المدة التي غابت فيها والتي فاقت الشهرين.

لكن رغم رواية إدارة الاتحاد إلا أن الشكوك تحوم حول علاقة الأمر بقرب مريم كاف من نائلة التازي التي أبعدت أيضا من مسؤولياتها بسبب علاقتها المتشنجة مع مزوار ومحيطه، وعدم التوافق في أسلوب تدبير أكبر تجمع لرجال الأعمال في المغرب وهي الخلافات التي قد تكون أيضا سببا في إمكانية رحيل فاضل أكَومي، المدير العام المنتدب عن منصبه الذي يشغله منذ سنة 2012، تورد مجلة “مغرب أنتلجنس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى