متابعات

“المغرب أول منتج للطاقات المتجددة في إفريقيا” هل تقول MOROCCO NOW كل الحقيقة؟ (الحلقة 2)

موازاة مع كشف الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات عن علامتها الجديدة MOROCCO NOW، تم إطلاق حملة تسويقية على عدد من المنصات الاجتماعية والمنصات المتخصصة للتعريف بقدرات المملكة الاستثمارية والفرص التي يتيحها لرؤوس الأموال الأجنبية في قطاعات متعددة.

ومن ضمن القطاعات الأساسية التي يعول عليها المغرب لجذب رؤوس الأموال الأجنبية نجد قطاع الطاقات المتجددة حيث يقدم واحد من الملصقات المعتمدة في الحملة المغرب على أنه “المنصة الأكبر إفريقيا للطاقات المتجددة وأخفضها بعثا للكربون”، وهو ما يتوافق مع التوجه العالمي الجديد الذي انخرطت فيه المملكة والرامي إلى الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون قادر على التكيف مع التغيرات المناخية.

ملصق الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات لا يكتفي بذلك، بل يصف المملكة بكونها “أول منتج للطاقات المتجددة في القارة السمراء” وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول حقيقة الأمر ويدفع لبعض الأسئلة أهمها: كم تبلغ حصة الطاقات المتجددة في القدرة الكهربائية المنشأة في المغرب، ثم ما هي حصة الطاقات المتجددة من مجموع إمدادات الطاقة الأولية التي يتوفر عليها؟”.

للإجابة على هذا السؤال توجب البحث في موقع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) (أنظر الرابط) وهي منظمة حكومية دولية تدعم البلدان في انتقالها إلى مستقبل الطاقة المستدامة، ومقارنة المعطيات المتوفرة بالنسبة للمملكة المغربية مع بعض الدول الإفريقية.

حصة الطاقات المتجددة في القدرة الكهربائية المنشأة بالمغرب

تكشف البيانات المتعلقة بالمملكة المغربية في ما يخص حصة الطاقات المتجددة في القدرة الكهربائية المنشأة أن حجمها بلغ سنة 2020، ما نسبته 33 في المائة، مقابل 67 في المائة بالنسبة للكهرباء المنتجة من مصادر طاقة غير متجددة، وهو ما يعادل 3552 ميغاواط للطاقات المتجددة مقابل 7140 ميغاواط لمصادر الطاقة التقليدية.

 

إقرأ أيضا: هل تعتمد “Morocco Now” معطيات مغلوطة لتسويق وجهة المملكة؟

 

وفي التفاصيل نجد أن حصة الطاقة الريحية تبلغ 1405 ميغاواط بنسبة 13 في المائة وحصة الطاقة الكهرومائية في المزيج الكهربائي تبلغ 1306 ميغاواط بنسبة 12 في المائة، ثم حصة الطاقة الشمسية بـ734 ميغاواط وبحصة لا تتعدى 7 في المائة.

معطيات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة تبدو قريبة من تلك المعتمدة من طرف السلطات العمومية المغربية حيث تشير بيانات وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة إلى أن القدرة الكهربائية المنشأة من مصادر متجددة تصل إلى 3700 ميغاواط أي ما يمثل نسبة 34 في المائة، ضمنها 1220 ميغاواط من القدرة الكهربائية المنشأة من مصدر ريحي، و1170 ميغاواط من القدرة الكهربائية المنشأة من مصدر كهرومائي، ثم 711 ميغاواط من القدرة الكهربائية المنشأة من مصدر شمسي، بنسب 11 و16 و7 في المائة على التوالي.

مؤشرات واردة في موقع وزارة الانتقال الطاقي (2018).

أرقام أخرى محينة، صادرة عن المرصد المغربي للطاقة (أنظر الرابط)، تهم سنة 2020، تشير إلى أن القدرة الكهربائية المنشأة من مصادر متجددة تبلغ 37.1 في المائة بإجمالي يبلغ 3931.1 ميغاواط من أصل 10.627 ميغاواط مجموع القدرة الكهربائية الإجمالية للمملكة (6696.4 ميغاواط مصدرها الطاقة الحرارية). وتتوزع هذه القدرة على 1430 ميغاواط للطاقة الريحية، و1770.1 ميغاواط للطاقة الكهرومائية، ثم 731 ميغاواط للطاقة الشمسية.

البحث في معطيات الوكالة الدولية والمؤسسات الرسمية الوطنية، يضعنا أمام حقيقة أن المغرب يبقى متأخرا إذا ما قورن مثلا مع بلد كإثيوبيا حيث تصل حصة الطاقات المتجددة في القدرة الكهربائية المنشأة إلى 98 في المائة أو ما يعادل 4713 ميغاواط، النسبة الأكبر منها متأتية من الطاقة الكهرومائية بنسبة 85 في المائة. أو نيجيريا التي تسجل فيها حصة الطاقات المتجددة في القدرة الكهربائية المنشأة نسبة 64 في المائة أو ما يعادل 3794 ميغاواط، أو حتى كينيا التي تصل فيها حصة الطاقات المتجددة في القدرة الكهربائية المنشأة إلى 73 في المائة أو ما يعادل 2191 ميغاواط، وهي كلها بلدان إما تعادل أو تتفوق على المملكة في حصة الطاقات المتجددة مقارنة مع الحاجيات الوطنية من الكهرباء (مع التأكيد على أن القدرة الكهربائية للمملكة في سنة 2020، بلغت 10.592 ميغاواط، مقارنة مع 4817 ميغاواط لإثيوبيا، و13.154 ميغاواط لنيجيريا، ثم 5931 ميغاواط لأنغولا).

معطيات المرصد المغربي للطاقة بخصوص الطاقة الكهربائية المنشأة من طاقات متجددة

نصيب الطاقات المتجددة من إجمالي إمدادات الطاقة

البحث في الوثيقة المتعلقة بالمغرب، الواردة في موقع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، يكشف أيضا أن نصيب الطاقات المتجددة من مجموع إجمالي إمدادات الطاقة الأولية لا يتعدى 11 في المائة مقابل 59 في المائة من الطاقة التي مصدرها البترول و25 في المائة المتأتية من الفحم الحجري ثم 4 في المائة من الغاز الطبيعي.

وفي تفاصيل البيانات المتعلقة بإمدادات الطاقة المتجددة نجد أن 64 في المائة منها تتأتى من الطاقة الحيوية، و17 في المائة منها مصدرها الرياح، و15 في المائة مصدرها الطاقة الشمسية، ثم 5 في المائة طاقة مائية.

وبالنسبة لبلد مثل أنغولا (أنظر الرابط) مثلا، نجد أن نصيب الطاقات المتجددة من مجموع إجمالي إمدادات الطاقة الأولية ترتفع لتصل إلى 60 في المائة مقابل 35 في المائة للطاقة المتأتية من المحروقات، و6 في المائة للبترول التي مصدرها الغاز الطبيعي.

المعطيات تشير أيضا إلى أن نسبة الطاقة الحيوية من إجمالي إمدادات الطاقة المتجددة يرتفع إلى 86 في المائة، مقابل 14 في المائة للطاقة المائية، و0 في المائة للطاقة الشمسية.

وعلى غرار أنغولا نجد أن معطيات جمهورية كينيا (أنظر الرابط) تشير إلى أن نصيب الطاقات المتجددة من مجموع إجمالي إمدادات الطاقة الأولية يرتفع إلى 78 في المائة، مقابل 20 في المائة من الإنتاج الوطني مصدرها و2 في المائة فقط مصدرها الفحم الحجري.

نصيب الطاقات المتجددة من إجمالي إمدادات الطاقة بإثيوبيا

وتمثل الطاقة الحيوية النسبة الأكبر من إمدادات الطاقة المتجددة، بواقع 73 في المائة تليها، الطاقة الحرارية الجوفية بنسبة 25 في المائة ثم الطاقة المائية بنسبة 2 في المائة و0 في المائة للطاقة الشمسية.

مثال آخر لا بد من التطرق إليه يتعلق بإثيوبيا (أنظر الرابط) التي تصل فيها نسبة الطاقات المتجددة من مجموع إجمالي إمدادات الطاقة الأولية التي يتم توليدها في البلاد إلى 89 في المائة، مقابل 10 في المائة للطاقة المائية و1 في المائة للطاقة المستخرجة من الفحم الحجري.

وتحتل الطاقة الحيوية نسبة 96 في المائة من مجموع إمدادات الطاقة المتجددة، مقابل 4 في المائة للطاقة المائية ونسب غير معتبرة لكل من الطاقة الشمسية والرياح.

ملاحظات لا بد منها

أولى الملاحظات التي يمكن استخلاصها من هذه الأمثلة أن المملكة ليست، كما يقدمها القائمون على علامة “المغرب الآن” أول منتج للطاقات المتجددة في إفريقيا، بل على العكس يبقى متأخرا مقارنة مع دول تمكنت منذ سنوات من إيجاد بدائل أخرى للتزود بالطاقة في ظل ضغط أسعار المحروقات في الأسواق الدولية.

فقط ما يميز المملكة هو اعتمادها على نسبة تصل إلى 15 في المائة من إمدادات الطاقات المتجددة على الطاقة الشمسية وهو رقم يتجاوز بكثير باقي دول القارة، حيث يستفيد المغرب من محطاته لإنتاج الطاقة الشمسية “نور” بكل من العيون، وأطلس (7 محطات)، وبوجدور وتافيلالت وميدلت ثم المحطات الأربع بورزازات التي تعد واحدة من أكبر حقول الطاقة الشمسية في العالم ككل، لكن مع ذلك فمعدل القدرة الكهربائية المنشأة من الطاقة الشمسية بالمغرب هي أقل من تلك المنشأة في بلد مثل جنوب إفريقيا حيث تصل إلى 5990 ميغاواط أو مصر حيث يصل معدلها إلى 1680 ميغاواط.

الأرقام التي استعرضنا تدفعنا مجددا إلى إعادة طرح السؤال حول مصدر البيانات اعتمدها المشرفون على علامة “المغرب الآن”، ودرجة دقتها، للقول بأن المملكة هي أول منتج منصة ومنتج للطاقات المتجددة؟

وتبعا لهذا فلربما اعتمدت فرق الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات على الأرقام التي تضمنها “المخطط الوطني لتنمية الطاقات المتجددة” الذي يضع ضمن أولوياته تسريع الانتقال الطاقي للرفع من حصة الطاقات المتجددة إلى 52 في المائة بحلول عام 2030، أو المعطيات الواردة في رأي المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي (أنظر الرابط) الصادر شهر يونيو من سنة 2020، والذي يتحدث عن إمكانية أن تنخفض التبعية الطاقية للمنتجات البترولية بنسبة 17 في المائة، يوازيها رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 96 في المائة من المزيج الكهربائي بحلول سنة 2050.

لكن كل هذا لا ينفي أن المغرب ما يزال متأخرا عن دول منافسة تمكنت من تحقيق هذه النسب منذ وقت طويل. فضلا عن أن ترديد أسطوانة أن المملكة هي “أول منتج للطاقات النظيفة بإفريقيا” يساهم في تكريس صورة نمطية عن عدد من دول القارة السمراء، ولا يشفع بأي حال من الأحوال في جذب مستثمرين يثقون في البيانات الواقعية التي تصدر عن وكالات التصنيف الدولية والمؤسسات ذات المصداقية أكثر مما تغريهم الشعارات الرنانة كتلك التي تسوقها علامة MOROCCO NOW.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى