
نظم مركز الأبحاث “روابط”، اليوم الجمعة، ندوة علمية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – عين الشق التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بشراكة مع غرفة التجارة والصناعة الفرنسية بالمغرب، وبتعاون مع قسم القانون العام بالكلية، خصصت لمناقشة القضايا البحرية من زوايا قانونية واستراتيجية متعددة.
وشكلت الندوة مناسبة للنقاش العلمي حول عدد من المواضيع المرتبطة بالأمن البحري، وحماية البيئة البحرية، وتنظيم واستغلال الموارد البحرية، والتجارة البحرية، إضافة إلى القانون الدولي وقضايا السيادة والدبلوماسية البحرية.
وساهمت في إثراء النقاش مداخلات لخبراء وأكاديميين من المغرب وفرنسا، قدموا خلالها قراءات تحليلية للتحديات الراهنة التي تواجه العالم في هذا المجال الحيوي.
وأكدت فاطمة الزهراء علمي، عميدة الكلية، أن هذه الندوة تندرج ضمن جهود الانفتاح الأكاديمي على القضايا المعاصرة، معتبرة أن موضوعها يكتسي أهمية خاصة بالنسبة لطلبة القانون والباحثين المهتمين بالقانون البحري والعلاقات الدولية. وأضافت أن هذا اللقاء ساهم في تأطير الطلبة، خاصة المسجلين في مسالك الماستر، وساهم في توجيههم نحو آفاق بحثية ذات راهنية استراتيجية، داعية إياهم إلى المشاركة الفاعلة في مثل هذه التظاهرات العلمية لتعزيز قدراتهم الأكاديمية والبحثية.
ومن جهتها، عبرت باسكال تريمباش، القنصل العام لفرنسا بالدار البيضاء، عن سعادتها بالمشاركة في هذا اللقاء، مشيرة إلى أن زيارتها تأتي بعد أيام قليلة من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات، حيث قدمت عرضًا حول السياسات البحرية الفرنسية والمغربية، وإسهاماتهما في تعزيز الأمن البيئي والاقتصادي للمجالات البحرية، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية والمنافسات الجيوسياسية الدولية.
وأشادت القنصل العام لفرنسا بالدار البيضاء بأهمية تعزيز الوعي القانوني والبحث الأكاديمي حول التحديات البحرية، مؤكدة أن “أكثر من 70% من مساحة الأرض تشغلها البحار، ما يجعلها فضاءً حيويًا للتفاعلات الاقتصادية والسياسية والأمنية”.
واستعرضت المسؤولة الفرنسية الأطر القانونية الدولية المنظمة للعلاقات البحرية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي تحدد بدقة نطاقات مثل المياه الإقليمية، والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وأعالي البحار، والحقوق والواجبات المترتبة على كل منها.
كما سلطت الضوء على المكانة البحرية الاستراتيجية لفرنسا، مشيرة إلى أن “فرنسا تتوفر على واحدة من أكبر المناطق الاقتصادية الخالصة في العالم، تقدر بـ11 مليون كيلومتر مربع، بفضل امتداد أراضيها فيما وراء البحار”، مضيفة أن هذا المعطى يعكس التزام فرنسا بحماية البيئة البحرية وضمان أمن الملاحة الدولية.
واختتمت القنصل مداخلتها بالتأكيد على أهمية تكوين الأجيال الشابة في القانون البحري، وتعزيز التعاون الأكاديمي بين فرنسا والمغرب لمواجهة التحديات المشتركة في هذا المجال الحيوي.
بدوره قال مصطفى السحيمي، الأكاديمي والمحلل سياسي: إن “المغرب يتمتع بواجهتين بحريتين استراتيجيتين، ويُطل على مضيق جبل طارق، أحد أكثر الممرات البحرية نشاطًا في العالم. لكنّه يواجه تحديات حقيقية في ترسيم حدوده البحرية، سواء مع إسبانيا بسبب جبل تروبيك، أو مع موريتانيا حيث توجد مناطق صيد رمادية قانونيًا.
السحيمي أضاف: “في المقابل، يراهن المغرب بقوة على تطوير الاقتصاد الأزرق، من خلال مشاريع كبرى كميناء طنجة المتوسط، ومنصتي الناظور والداخلة، لترسيخ موقعه كمحور بحري إقليمي صاعد”.
وعلى هامش هذا اللقاء، تم التوقيع على اتفاقية شراكة بين مركز الأبحاث “روابط” وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – عين الشق، ومؤسسة “تمكين” للتميز والإبداع. وتهدف هذه الاتفاقية إلى توحيد الجهود لفائدة الشباب، عبر دعم الفكر الأكاديمي والبحث العلمي، وتنظيم ندوات ومنتديات وورشات مشتركة، وتطوير مشاريع تعليمية مبتكرة. وتعكس الاتفاقية طموحًا مشتركًا لربط التكوين الجامعي بالابتكار والانخراط المجتمعي، في أفق تحقيق تأثير مستدام على مستوى المعرفة والتكوين في المغرب.