
أظهرت الحسابات الوطنية للقطاعات المؤسساتية لسنة 2024، الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، أن الاستهلاك النهائي للأسر امتص 89.2% من إجمالي الدخل المتاح البالغ 1,059.7 مليار درهم، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 6.7% مقارنة بـ8.7% في 2023، مما يحدد معدل الادخار عند 11.3% فقط.
يأتي هذا الاستهلاك المرتفع رغم تحسن القدرة الشرائية بـ5.1 نقاط، وانخفاض التضخم إلى 0.9%، حيث بلغ الدخل الفردي السنوي 28,808 درهم، وارتفع صافي القروض البنكية الممنوحة للأسر إلى 13 مليار درهم كمؤشر على الاعتماد على الاقتراض لتغطية النفقات الأساسية مثل السكن والغذاء والنقل.
وتشكل الأجور 45.3% من مصادر الدخل، تليها الأنشطة المختلطة غير المهيكلة والسكن بنسبة 39.4%، بينما تأخذ الضرائب والمساهمات الاجتماعية 17.6%، مما يعزز الاعتماد على دخل غير مستقر ويقلص القدرة على الادخار أمام التقلبات.
تكشف المقارنة مع السنوات السابقة استقراراً ملحوظاً في هذه النسبة، إذ بلغت 88.9% في 2023 مع ادخار 11.4% ودخل متاح 996 مليار درهم بنمو 9.6%، وكانت قريبة منها في 2022 حيث انخفض الادخار إلى 10.7% رغم ارتفاع الدخل بنسبة 4.6%، مما يعكس نمطاً مستمراً يتجاوز 88% منذ سنوات مع تحسن طفيف في القدرة الشرائية (2.4 نقاط في 2023 بعد انخفاض 3 نقاط في 2022).
ساهم في ذلك ارتفاع الاستهلاك الفعال إلى 1,008.3 مليار درهم في 2023، مدعوماً بأجور تشكل 45% والدخل المختلط 40%، مقابل مساهمات سلبية من الضرائب والتأمينات الاجتماعية بنحو 16.9%، في سياق نمو الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 7.9% عام 2024 و10% عام 2023 ليصل إلى 1,463.3 مليار درهم.
أبرز التقرير دور الأسر في إنتاج 29.6% من الثروة الوطنية وامتلاك 64.3% من الدخل الوطني المتاح، مع مساهمة في 28.9% من الادخار الوطني البالغ 461.7 مليار درهم و28.5% من الاستثمار، بينما قادت الشركات المالية وغير المالية بـ45.1% من الثروة و60.6% من الادخار الوطني.
رغم التحسن في بعض المؤشرات مثل نمو الادخار الوطني بنسبة 16% في 2023، يظل الاعتماد الكبير على الاستهلاك يثير تساؤلات حول فعالية برامج الحماية الاجتماعية أمام ارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية، خاصة مع تباطؤ نمو الدخل الأسري واستمرار الاقتراض البنكي.
وفي هذا السياق، ارتفع الادخار الفردي قليلاً لكنه لم يعوض الضغوط، مما يدعو إلى إعادة تقييم السياسات لتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات المستقبلية.





