مع المستهلك

“الديكوفير”.. هل يعلم زبون البنك أنه يكلف 20 في المائة من الدخل السنوي

يفتخر العديد من أفراد الطبقة الوسطى بتوفرهم على بطاقات بنكية تمكنهم من السحب على المكشوف، أو “الديكوفير“، بمبالغ تصل في الغالب إلى قيمة أجرتهم الشهرية. لكن الذي لا يعرفه العديد من هؤلاء أن استعمال هذه الخدمة مرة في العمر تجعلهم يتنازلون عن نحو 20 في المائة من دخلهم السنوي لصالح البنك، ولما تبقى من حياتهم إذا لم يفعلوا شيئا للخروج من الورطة!

وللأسف فإن الإحصائيات تشير إلى أن أعدادا متزايدة من المغاربة يقعون في فخ “الديكوفير”. فحسب إحصائيات بنك المغرب، بلغ حجم مديونية الأفراد الناتجة عن استعمال خدمة “الديكوفير” 7.61 مليار درهم نهاية سبتمبر الماضي، مقابل 6.27 مليار درهم نهاية سبتمبر 2017، مسجلة ارتفاعا بنسبة 21.4 في المائة خلال سنة.

وتمكن هذه الخدمة المستفيد منها من مواصلة السحب من حساب البنكي فوق ما يسمح به دخله الشهري. وتختلف النسب المسموح بها من بنك إلى آخر ومن زبون إلى آخر، بين 25 و100 في المائة من الدخل الشهري.

غير أن معظم هذه البطاقات تسمح بالسحب والأداء في حدود 100 في المائة من الأجر الشهري بسبب اشتداد المنافسة بين البنوك، بل والسماح أحيانا بتجاوز هذا السقف مقابل أداء الزبون تكاليف إضافية.

ويتم تسديد المبالغ المسحوبة في نهاية الشهر، عبر اقتطاع من المنبع، أي مباشرة من أجرة المستفيد. غير أن هذا السلف يكلف سعر فائدة أعلى من كل الأسعار المطبقة على باقي القروض البنكية، إذ تصل الفائدة السنوية ل”الدكوفير” نسبة 14 في المائة، تنضاف إلى ذلك عمولة بنكية يختلف حجمها من بنك إلى آخر، إضافة إلى تكاليف ورسوم أخرى. في النهاية قد تصل تكلفة هذا النوع من السلفات 20 في المائة في السنة.

عندما يتعلق الأمر بعملية معزولة، أي أن السحب تم خلال شهر معين لمواجهة مصاريف طارئة ثم توقف، فإن نسبة الفوائد والعمولات التي تقتطعها البنك لا تتعدى تلك المترتبة عن ذلك الشهر، أي ما يعادل 20 في المائة مقسومة على 12 شهرا، وهو ما يعطي حوالي 1.6 في المائة من مبلغ السلف. غير أن الأمور لا تتم بهذه الطريقة.

فالشخص الذي يضطر في ظرف معين، من قبيل دخول مدرسي أو عيد الأضحى أو مناسبة اجتماعية، إلى سحب مبلغ يعادل كامل أجرته، أو أغلبها، يجد نفسه مع بداية الشهر المقبل في ورطة، إذ أن البنك يقتطع دفعة واحدة كامل مبلغ السلف من أجرته أو مدخوله الشهري مع التكاليف المترتبة عن السلف. فيجد الزبون نفسه منذ بداية الشهر مضطرا للسحب من جديد على المكشوف والاقتراض من مدخوله المرتقب في الشهر القادم. وبذلك يجد المستفيد من امتياز “الديكوفير” نفسه سجين دائرة مغلقة يصعب الخروج منها. فكل شهر يبدأه باقتراض مدخول الشهر المقبل مقابل فوائد وعمولات تصل نسبتها 20 في المائة. وعلى مدار السنة فإن هذا السلوك يكلفه فعليا 20 في المائة من دخله السنوي بسبب تجدد السلف مع بداية كل شهر. وفي الدخول المدرسي المقبل يجد نفسه في ورطة أكبر من السنة الماضية. ويجد أن الديكوفير الذي استعمله في العام الماضي لا زال لم يسدد، وأن عليه أن يجد حلا لمواجهة مصاريف العام الجديد.

كيف يمكن الخروج من هذه الورطة؟

لإيقاف هذا الجحيم أول خطوة هي التخلص من الامتياز عبر إلغاء العقد الذي يسمح له بالسحب على المكشوف. فبدل طلب أو قبول اقتناء أصناف من البطاقات البنكية الغالية والتي تسمح بمثل هذه العمليات، على الزبون أن يطلب بطاقة عادية تسمح بالسحب والأداء حسب ما هو متوفر بحسابه، والتي لا تتجاوز كلفتها عادة 60 درهما في السنة.

الخطوة الثانية هو توفير المبلغ الذي يدين به للبنك، وهو في غالب الأحيان أجرة شهر، من أجل أداء الدين وطي الصفحة. وهنا أيضا عدة خيارات، أفضلها اللجوء إلى الأقارب والأصدقاء، وإذا تعذر اللجوء إلى البنك للحصول على قرض استهلاك بفائدة تناهز 7 في المائة، والذي سيمكنه من تسديد الدين على أشطر شهرية حسب المستطاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى