رئيسيةمتابعات

عامان على زلزال الحوز.. هزة أرضية جديدة تثير الذكرى والرعب

عامان على واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية التي ضربت المغرب في تاريخه الحديث، وما زالت تداعيات زلزال الحوز لـ 8 شتنبر 2023 الذي ضرب إقليم الحوز حاضرة بقوة في الذاكرة الوطنية. هذه الكارثة التي خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى إلى جانب دمار هائل للبنية التحتية والمنازل كانت بداية لفصل جديد من تحديات إعادة الإعمار والتأقلم مع هشاشة المنطقة الجغرافية للبلاد. في خضم هذه الذكرى الحزينة، شهد إقليم الحوز في فجر اليوم الثلاثاء 3 شتنبر هزة أرضية جديدة، أثارت ذعراً وقلقاً بين السكان الذين ما زالوا يتعافون من الصدمة الأولى.

زلزال الحوز 2023: الكارثة التي هزت المغرب

في مساء 8 شتنبر 2023، ضرب زلزال بقوة بلغت 6.8 درجات على مقياس ريختر منطقة إقليم الحوز بجهة مراكش آسفي، مركزه القريب من جماعة إغيل على عمق حوالي 18.5 كيلومتر. كان من أشد الزلازل دموية وأشدها تأثيراً منذ زلزال أكادير سنة 1960، حيث خلف أكثر من 2900 قتيل و5500 جريح معظمهم في الحوز وتارودانت وشيشاوة. وأسفرت الهزات عن انهيار حوالي 50 ألف مسكن وتدمير منشآت ومرافق حيوية ومعالم تاريخية في مراكش وأقاليم مجاورة. أثر الزلزال امتد ليشمل عشرات المدن المغربية ووصل تأثيره حتى إلى دول مجاورة مثل إسبانيا والجزائر. الدولة أعلنت الحداد الوطني وأطلقت حملات تضامن وإغاثة داخلية وخارجية هائلة، بالإضافة إلى إنشاء صندوق دعم مالي بقيمة 12 مليار دولار يمتد على خمس سنوات لدعم المتضررين وإعادة الإعمار.

الهزة الأرضية في شتنبر 2025: إحياء الذكرى والقلق المستمر

في فجر يوم الثلاثاء 3 شتنبر 2025، استيقظ سكان إقليم الحوز على هزة أرضية جديدة بقوة 4.5 درجات على مقياس ريختر، مركزها جماعة أغبار في نفس الإقليم وعلى عمق يتراوح ما بين 11 و13 كيلومتر، وفق المعطيات الرسمية. الهزة وقعت في وقت مبكر من الصباح وأحس بها سكان مراكش التي تبعد على بعد 81 كيلومتراً شمال مركز الهزة، ومناطق أخرى مثل أوريكة و تاحناوت وأكادير والدار البيضاء. رغم أن قوة الهزة كانت متوسطة مقارنة بزلزال 2023، إلا أنها أعادت إلى الأذهان رعب الكارثة السابقة وأثارت موجة من القلق والخوف بين الناس، الذين عبّروا عن تجاربهم وردود أفعالهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تحديات التعافي وإعادة البناء بعد زلزال الحوز

لا يزال إقليم الحوز وباقي المناطق المتضررة من زلزال 2023 تواجه تحديات جمة في استعادة الحياة الطبيعية. رغم المساعدات الكبيرة والتبرعات التي قدمها المجتمع المغربي ومغاربة العالم، فإن عملية إعادة الإعمار تسير ببطء بسبب الظروف الجغرافية الصعبة، ونقص الموارد، وبيروقراطية الإجراءات الإدارية، بالإضافة إلى التأثير النفسي الاجتماعي الذي تركه الزلزال في نفوس السكان. العديد من الأهالي ما زالوا يعانون من فقدان منازلهم ويقيمون في خيام أو مساكن مؤقتة، ما يجعلهم أكثر حساسية لأي نشاط زلزالي جديد قد يذكرهم بالكارثة الماضية. هذا الوضع يستوجب جهودًا متواصلة وسريعة لتوفير الدعم الشامل، سواء من الناحية الطبية، النفسية، أو الاجتماعية، إلى جانب تعزيز البنية التحتية لضمان مقاومة أفضل لأي كوارث طبيعية مستقبلية.

نشاط زلزالي مستمر وتأهب دائم

الهزة الأرضية حديثة الحدوث في سبتمبر 2025 تؤكد أن المنطقة لم تستقر بعد زلزال 2023، وأن هناك نشاطًا زلزاليًا مستمراً يفرض على السلطات والمواطنين الاستمرار في حالة التأهب. دراسات جيولوجية تشير إلى أن موقع إقليم الحوز قرب جبال الأطلس الكبير يجعل منه منطقة عرضة للنشاط التكتوني الناتج عن حركة الصدوع المائلة تحت السطح، مما يستوجب استمرار المراقبة وتطوير آليات الإنذار المبكر وتحسين مقاومة المباني والبنية التحتية لتقليل المخاطر المستقبلية.

عامان على زلزال الحوز لا يعنيان إلا بداية الطريق نحو التعافي والتأهب المستدام لمواجهة تقلبات الطبيعة. الهزة الأرضية الجديدة في شتنبر 2025، رغم قوتها المتوسطة، تعيد التأكيد على هشاشة المنطقة والتحدي الكبير الذي يواجه السكان والسلطات المغربية. يبقى الأمل معقوداً على تضافر الجهود بين مختلف الأطراف لتحويل هذه التجربة المؤلمة إلى فرص لتطوير القدرة على الصمود والاستجابة السريعة للكوارث الطبيعية في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى